الأربعاء 07 ربيع الأول 1430هـ - 04 مارس 2009م |
http://www.alarabiya.net/views/2009/03/04/67673.html
إن البعض قد يرى أن جزءا كبيرا من مشكلاتنا الحياتية والاجتماعية تكمن في مثل هذه الفتاوى ذات النفس التحريمي لكثير من المباحات ولكنني أرى أن مكمن المشكلة يقع على المجتمع بعمومه قبل أن تكون مشكلة شيخ معين أو فتوى تحرم هذا الفعل أو ذاك, فلقد اعتاد كثير من أفراد مجتمعنا باختلاف أجناسهم وطبقاتهم إقحام العلماء والفتوى في كل صغير وكبير في الحياة اليومية ليس في قضية العبادات فحسب بل في جميع شؤون الحياة حتى أصبحنا قبل الإقدام على أي خطوة اجتماعية أو ترفيهية أو جمالية أو غير ذلك أن نبحث ابتداء عن فتوى تبيح ما نريد فعله وما واقع برامج الإفتاء التلفزيونية إلا دليل واضح على ذلك والتي نلمس فيها وبشكل واضح أن الكثيرين يقومون من خلالها بسرد كافة احتياجاتهم اليومية والمعاشية ليحصلوا أولا وقبل كل شيئ على فتوى تسمح لهم بالانتقال للخطوة التالية!!
إن من يستمع إلى صيغ كثير من الاستفتاءات التي ترد من عامة الناس في تلك البرامج أو غيرها يدرك وبشكل واضح أن الثقافة التحريمية أصبحت هي المهيمنة على كثير من شؤون الحياة ويظهر ذلك جليا في لغة وأسلوب تلك الاستفتاءات فأكثرهم يتوجه بالسؤال بقوله هل يجوز فعل كذا أو قول كذا؟ أو هل يصح أن أقول أو أن افعل كذا؟ بحيث أصبحت لغة التحريم والمنع لديهم هي الأصل في سؤالاتهم وأنهم يبحثون عن ما ينقل ذلك الفعل من التحريم إلى الجواز، وهذا مخالف للقاعدة الشرعية أن كل الأقوال والأفعال والعادات مالم تكن عبادة الأصل فيها هو الإباحة ولا يجوز لأحد أن يحرم شيئ منها إلا بدليل صحيح وصريح والتي جرى عليها سلف الأمة.
إن الفتوى المذكورة في تحريم إدخال الانترنت للبيت ما هي إلا ضرب من ذلك وقد يبرر من يرى صحتها بأن الانترنت له محاسن ومساوئ وفوائد ومضار ولو كنا سنقول بذلك فإننا سنحرم على أنفسنا الكثير والكثير من المباحات من المطعم والمشرب والمركب بمثل هذه الحجة الواهية.
والمؤسف كذلك في الفتوى أنها اعتبرت في حالة دخول الانترنت إلى البيت فإن المرأة لن تستخدمها غالبا إلا في المحظور شرعا وجاء ذكره للمرأة في مقابل ذكر السفهاء والفسقة وفي ذلك إساءة ظن بالمرأة وحرمان لما أباحه الله لها.
* خاص بموقع "العربية.نت"
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق