موظفات الحرم يرفعن أصواتهن فوق صوت النبي
أمل زاهد
تحدثت ضيفة أسرتنا القادمة من مصر الأستاذة الفاضلة سعاد سيد إبراهيم بمرارة لاذعة عما شاهدته خلال زيارتها لقبر الرسول الكريم صلوات الله وسلامه عليه، وتحسرت على الأيام الخوالي، يوم كانت تقصد المسجد النبوي وتزور القبر الشريف، وتتمتع بالصلاة في الروضة الشريفة وصفاء الكون يلفها والروحانية المهيبة تنقلها إلى أجواء نورانية يملؤها السلام والاطمئنان..
لا صوت نشازاً يشق مهابة الصمت والسكون ويجرح قدسية المكان، ولا إلحاح مزعجاً بالإسراع في الصلاة والخروج من الروضة يعكر صفو الزيارة، ولا وعظ وإرشادات تصر على بث تعاليمها ونصائحها في آذان الزائرات، ولا تقسيمات تقسم الزائرات حسب بلدانهن محولة المشهد إلى ما يشبه المتاهة!
تتحدث الأستاذة سعاد بأسى شديد عن حوائط عزل من قماش الخيم تقف بمنعة في وجه الزائرات لا يستطعن معه مشاهدة ما وراءها، تحجزهن داخل حيز مكاني تقودهن إليه موظفة تحمل لافتة عليها اسم جنسية محددة، فتتحرك وراءها الزائرات حتى يصلن إلى البقعة المخصصة للبلد حيث يحجزن حتى تفسح لهن الموظفة بالحركة والتوجه إلى الزيارة !! وبعد انتظار طويل وترقب وهرج ومرج يتحركن ليواجهن حاجز عزل آخر يفصلهن عن الروضة، حيث يحجزن أيضا ردحا من الزمن مترقبات لحظة الفرج والفسح بالدخول دون اعتبار لكبر سن بعضهن وعجز أخريات !! فتتحول الزيارة (الحلم) إلى معاناة وانتظار ممض ووقوف مضن.. بينما تتطاول بعضهن لرؤية ما وراء الحاجز، أو تقف أخريات على كراسي والدموع تملأ أعينهن شوقا للدخول إلى مكان شددن الرحال إليه وحلمن طويلا بزيارته!
وفي فترة الانتظار تنهال عليهن التوجيهات والتعليمات والأوامر والنواهي والوعظ والإرشاد عبر مكبرات الصوت التي تستخدمها الموظفات داخل تلك البقعة المقدسة وعلى مرمى خطوات من القبر الشريف !! تنتهك مكبرات الصوت قدسية المكان وطمأنينته في بقعة نزل فيها قرآن يقول " يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي".
زائرة أخرى تتحدث عن إصرار الموظفات على تحويل فترة الانتظار إلى جلسة وعظ وإرشاد، فتقوم بعضهن بصب النصائح والمواعظ في آذان الزائرات بلغة لا يفهمنها أحيانا، ناهيك أنها قد تكون مناقضة تماما لثقافتهن ومذاهبهن في أحيان أخرى! وكأن موعظة عابرة ونصيحة مسداة قادرة في لحظات على محو ذاكرة تلكم الزائرات، وتغيير مساراتهن الذهنية وقلب موازين ثقافتهن!
لاشك عندي في أن القائمين على شؤون الحرم النبوي يهدفون إلى تنظيم دخول الزائرات إلى الروضة الشريفة، ولكن عملية التنظيم بهذه الطريقة تؤدي إلى تعقيدات وعوائق تقف في وجه الزائرات لتحول التجربة المنتظرة إلى سلسلة من الانتظارات والمعاناة والنصب!
تأتي زائرات الأماكن المقدسة من أقاصي الدنيا وأطراف الأرض ويدفعن الغالي والنفيس للظفر بهذه الزيارة، فهلا سهلنا لهن هذه الزيارة وجعلناها فعلا زيارة العمر، تحفر نقوشها الجميلة أبدا على جدران ذاكرتهن!
نداء أوجهه للقائمين على شؤون الحرم النبوي لإعادة النظر في هذه التنظيمات، وتخصيص بقعة في الحرم الداخلي للنساء طوال اليوم وليس فقط في أوقات محددة، حتى تستمتع زائرات الحرم بالصلاة في تلك البقعة الطاهرة أطول وقت ممكن أسوة بإخوانهن من الرجال.
*نقلاً عن صحيفة "الوطن" السعودية
http://www.alarabiya.net/views/2008/07/06/52618.html
رابط جريدة الوطن
http://www.alwatan.com.sa/news/WriterSave.asp?issueno=2837&id=6446
الأحد، 5 أكتوبر 2008
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق